اللبنانيون يواجهون الغلاء بوجبات من ” الحشائش البرية “
تشهد بعض المناطق اللبنانية؛ خصوصا الريفية منها، توجها غير مسبوق لإعداد الطعام الصحي من الحشائش البرية وخيرات الأرض المغذية للصحة والمعالجة لبعض نزلات البرد في فصل الشتاء، وسط تراجع مستمر للقدرة الشرائية في البلاد.
وتنشط تجارة الخضار البرية وزراعتها والاهتمام بها في لبنان تعويضاً على فقدان الكثير من الأدوية من جهة، وللتعويض عن بروتينات اللحوم التي لم تعد في متناول الجميع.
وتعد نباتات الهندباء والسليقة والزعتر البري والبقلة التي تعرف في بلاد الشام بالفرفحين، من المأكولات الشعبية الربيعية اللبنانية والمقبلات التي تحولت بفعل الأزمة الاقتصادية الى أطباق رئيسية على موائد فقراء لبنان.
واعتادت ربّات المنازل في لبنان زيارة الحقول مع أول شتاء لجمع الهندباء والحميضة والشومر وغيرها من النباتات التي تدخل في قائمة غذاء اللبناني؛ وخاصة في الأرياف.
وهذه الفترة من السنة ليست موسم الحشائش البرية، لكن تأخر فصل الشتاء هذا العام وبعض الدفء وارتفاع درجات الحرارة نسبياً، عوامل ساهمت في نموها قبل الأوان.
وقال أبو سامي، المزارع اللبناني من بلدة الصرفند جنوب البلاد، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، “أحاول جمع كمية وافرة منها بناء على طلبات كثيرة أتلقاها باستمرار”.
ويتابع “أبيع الكيس الذي يضم كمية من الأعشاب ب 50 ألف ليرة، (دولار واحد) ويرتفع السعر حسب الطلب”.
بديل الأدوية
يضيف أبو سامي “زوجتي خبيرة في هذه النباتات المغذية والمفيدة التي تصلح للطبخ مع الزيت والبصل، وتعرف أماكن نموها وتبحث عن الخبيزة والجرجير والعنة، فالطلب كبير عليها لأنها تدخل في علاج الزكام والالتهاب والإنفلونزا، خصوصاً في فصل الشتاء وفي ظل ارتفاع أسعار الدواء في البلاد”.
وتقول أم حسن من بلدة الوزاني الجنوبية لموقع “سكاي نيوز عربية”، “انتقي من الأرض المحاذية لمجرى النهر الزعتر البري والخبيزة بعدما زاد الطلب عليها مع ارتفاع أسعار الأدوية”.
وتشرح، وفق ما اوردت قناة “سكاي نيوز”: “الزعتر يعالج نزلات البرد الحادة والإنفلونزا، والسعال فهو يدخل في تركيبة العديد من الأدوية”.
بديل اللحوم
في مدينة طرابلس شمال البلاد، ينشُطُ سوق للخضار البلدية منذ زمن، يعرض فيه المزارعون من أبناء سهل عكار نتاج أرضهم على “بسطات”، يُعرف هذا السوق بسوق “جسر أبو علي “، حيث توجد فيه أصناف الأعشاب البرية التي تشهد إقبالاً كثيفاً عليها.
“يكفي أنها صحّية”، تقول هنادي الشامي “أشتري منها يومياً لأنها تدخل في نظام أولادي الغذائي، بعدما صار شراء اللحم يومياً غير متاح، والأعشاب غنية بالبروتينات الضرورية”.
فرضت الأزمة الاقتصادية على الناس العودة للأرض وإنتاجها، فصار طبق السلق والهندباء البرية يوازي وجبة طعام سريعة، خالية من الملوّثات، كما تقول أم حامد من بلدة عين عطا البقاعية لموقع “سكاي نيوز عربية”.
وتحفظ أعشاب الأرض عن ظهر قلب، فهي لم تتخل عن “التسليق” (البحث عن الأعشاب) يوماً، وتعتبرها فرصة ذهبية للخروج الى الطبيعة واستنشاق الهواء النقي.
وتضيف “أنتظر هذا الموسم لأجمع الأعشاب البرّية التي تدخل في إعداد العديد من الوجبات، أضيف إليها البصل وزيت الزيتون، وتعد أحيانا مع البصل والبرغل، وهي أطباق عادت إليها العديد من العائلات لمواجهة غلاء المواد الغذائية”.
خبيرة التغذية
توضح خبيرة التغذية، ريّان فراشة، لقناة “سكاي نيوز”، الأهمية الصحية للحشائش البرية فتتحدث عن فوائد نبتة السلق وتوضح:
– يمكن لكمية صغيرة من نبات السلق المَطهوّة أن تُغطي حاجة الجسم اليومية مثل الفيتامين “أ”، وهي غنية بالمعادن مثل الكالسيوم والحديد.
– تُقلّل نبتة السلق نسبة الكولسترول في الدم، وتحافظ على صحّة العظام وتخثّر الدم، ونسبة السكر في الدم.
– نبتة السلق مليئة بمُضادّات الأكسدة، وهي قليلة السعرات الحرارية.
– تعتبر البقلة من أكثر الخضراوات الورقية من حيث القيمة الغذائية العالية، ويمكن أن تؤكل نيئة أو مطبوخة، وهي غنية بمضادات الأكسدة والمعادن وتحافظ على نضارة البشرة وتأخير علامات الشيخوخة.
– الهندباء مصدر غني بالحديد وتعالج الإمساك لاحتوائها على نسبة عالية من الألياف، وتساعد على خفض مستوى ضغط الدم وتقَلّل من خطر الإصابة بالسكري.
– وتختم الخبيرة فراشة حديثها لموقع سكاي نيوز عربية فتشدد على أهمية تناول البقوليات الى جانب الأعشاب لتعويض النقص في اللحوم وتنصح بتناول العدس والحمص والفاصوليا.