صحة “روشتة غذائية” لتحسين صحة القلب
في دراسة كبيرة شملت 3881 شخصا من أصحاب الدخل المنخفض في 12 ولاية أميركية، تبيّن أن تناول المزيد من الفواكه والخضراوات قد يساهم في إنقاص الوزن وتحسين صحة القلب، وفقا لما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وحصل المشاركون في الدارسة على قسائم أو بطاقات تتراوح قيمتها بين 15 إلى 300 دولار شهريا، لشراء المزيد من الفواكه والخضراوات من أسواق المزارعين ومحلات البقالة.
وركز البحث على كمية المنتجات التي يتناولها البالغون والأطفال قبل وبعد تلقي “روشتة غذائية” من الفاكهة والخضراوات، بالإضافة إلى قياسات صحة القلب والأوعية الدموية، ومستويات انعدام الأمن الغذائي، والحالة الصحية التي أبلغوا عنها ذاتيًا.
ووجد الباحثون أن البالغين الذين شاركوا في البرامج، انتهى بهم الأمر إلى تناول فواكه وخضروات أكثر بنسبة 30 بالمئة، وفقًا للبحث الذي نشر في” مجلة الدورة الدموية”، الصادرة عن جمعية القلب الأميركية.
وفي نهاية البرامج، أبلغ البالغون عن تناول ما متوسطه 0.85 كوبًا إضافيًا من الفواكه والخضروات يوميًا، في حين تناول الأطفال 0.26 كوبًا أكثر – أو حوالي 7 بالمائة أكثر – مما كانوا يأكلونه قبل البرامج.
ولا يتناول معظم الأميركيين الكمية الموصى بها من الفواكه والخضراوات يوميًا، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إذ تقدر وزارة الزراعة أن الشخص سيحتاج إلى إنفاق ما بين 63 إلى 78 دولارًا شهريًا لتناول الكمية اليومية الموصى بها من تلك المواد الغذائية.
وفي هذا الصدد، قال المدرس في كلية الطب بجامعة ماساتشوستس تشان، كيرت هاجر، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة: “لدينا وباء مستمر من الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي (غير الصحي).. وتاريخيًا، لم يكن لدى الأطباء سوى عدد قليل جدًا من الأدوات لتحسين تغذية مرضاهم، إلى جانب محدودية الوصول إلى استشارات التغذية”.
وقال هاجر إنه استنادا إلى المقارنة بين المشاركين، فإن حجم تأثير المزيد من الفواكه والخضروات على ضغط الدم كان “حوالي نصف تأثير الأدوية الموصوفة عادة، وهو أمر ملحوظ يواسطة تغيير بسيط في النظام الغذائي”.
الغذاء.. وكورونا.. وأمراض القلب
البالغون والأطفال المشاركون في البرامج إما كانوا مصابين أو معرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب أو مرض السكري من النوع الثاني، وقد تم تسجيلهم إما لأنهم كانوا يتعاملون مع انعدام الأمن الغذائي (عدم الوصول إلى ما يكفي من الغذاء الجيد)، أو لأنهم وُضعوا في الدراسة من قبل مركز صحي يخدم أحد الأحياء ذات الدخل المنخفض.
وتوسعت برامج “الوصفات الطبية” في العقد الماضي، خاصة في السنتين أو الثلاث سنوات الماضية، منذ تفشي جائحة كورونا، وهنا يوضح هاجر: “لقد سلط كوفيد-19 الضوء على المعدلات المرتفعة للأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي في أميركا، إذ أصبحت أمراض القلب والسكري من عوامل الخطر الرئيسية لدخول المستشفى والوفاة بذلك الوباء”.
وأكد هاجر أنه طلا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث” لتحديد ما إذا كانت الفواكه والخضراوات، ساهمت بالفعل في تحسين صحة المشاركين.
ومن غير المعروف أيضا ما إذا كان الناس يتمتعون بصحة أفضل لأنهم كانوا يتناولون المزيد من الفواكه والخضروات، أو ما إذا كانت التحسينات المرتبطة بصحة القلب والتمثيل الغذائي، حدثت لأن الأموال المخصصة للفواكه والخضروات عالجت انعدام الأمن الغذائي الأكبر للأسرة، إذ أن حوالي 56 بالمئة من الأسر التي شملتها الدراسة، تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
من جانبه، قال مدير مركز الحوافز الصحية والاقتصاد السلوكي في جامعة بنسلفانيا، كيفن فولب، إن تلك الدراسات” لا يمكن أن تكون بمثابة دليل على أن هذه البرامج تؤدي إلى تحسن في ضغط الدم أو مستويات السكر في الدم”.
وأضاف: “نحن حقا بحاجة إلى تجارب عشوائية للإجابة على هذا السؤال بشكل أكثر منهجية”.
ومن المحتمل أن يؤدي تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات إلى تحسين الصحة، ومع ذلك، يوضح فولب: “لا يمكننا حقًا تقدير كمية المنتجات التي يجب أن يتناولها الشخص يوميًا دون وجود بيانات أكثر دقة”.
أما كبير مسؤولي العلوم السريرية في جمعية القلب الأميركية، أستاذ علم الأعصاب وعلم الأوبئة في جامعة كولومبيا، ميتشل إلكيند، فاعتبر الدراسة بأنها “تحليل رائع” يشير إلى أن هناك “فوائد لبرامج تقديم مثل تلك الوصفات التي تتضمن خضراوات وفواكه”.
وشدد على أن الباحثين “بحاجة إلى إجراء تجارب عشوائية، تمامًا كما يحدث عند تجربة أدوية جديدة”.
وقامت مؤسسة “روكفلر” بتمويل مبادرة أكبر مدتها “7 إلى 10 سنوات” من قبل جمعية القلب الأميركية، لإجراء المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان “وصف الطعام” وسيلة فعّالة من حيث التكلفة لإدارة وتقليل أخطار بعض الأمراض المزمنة، بحسب إلكيند.
وختم الأكاديمي الأميركي حديثه بالقول: “إذا لم نكتشف ذلك، فإن تكاليف الرعاية الصحية لدينا ستستمر بالارتفاع، وسنستمر في مواجهة بعض أسوأ النوبات القلبية ومعدلات الوفيات، ومعدلات السمنة في العالم.. وبالتالي علينا أن نكون أفضل في هذا الشأن”.