اللبنانيون يفتقدون الفتوش و الجلاب و الحلوى في رمضان
بدّلت الأزمة الاقتصادية من أحوال اللبنانيين وغيّرت من عاداتهم ومن أفراحهم وأعيادهم.
وأصابت الأزمة، التي صنفها البنك الدولي بأنها من الأسوأ في العالم منذ عام 1850، اللبنانيين بسائر مناطقهم وأطيافهم وجعلت 80% منهم تحت خط الفقر، حسب تقديرات المنظمات الدولية.
وعلى وقع هذا الانهيار، حل شهر رمضان المبارك دون أن تسبقه التحضيرات المعتادة للصائمين العزّل من أي طاقة مادية، استنزفها الصعود المتتالي والسريع لسعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية، وانعكاسه على مختلف أسعار السلع الاستهلاكية والرمضانية على وجه الخصوص.
يقف اللبنانيون مذهولين أمام عداد الأسعار فوق رفوف السوبر ماركت، التي تم عرضها بالعمليتين الوطنية والأمريكية، يضربون أخماسا بأسداس ويمعنون التفكير في الشراء أو عدمه استنادا إلى ما تبقى من مرتباتهم المتآكلة.. وعلى هذا المنوال، تكون جولتهم في محال الخضار أو أمام واجهات محال الحلوى الرمضانية.
وحسب نشرة الدولية للمعلومات الصادرة قبل أيام قليلة من شهر رمضان، فإن تكلفة الصحن الواحد من الفتوش، الذي يعد طبقا أساسيا في سفرة رمضان، تبلغ 225 ألف ليرة لبنانية، أي أن إعداد هذا الطبق لعائلة من أربعة أفراد يساوي أكثر من مليون ليرة لبنانية.
وهذه التكلفة مرشحة للارتفاع في ظل التقلبات السريعة والتصاعدية لسعر صرف الدولار الأمريكي.
وقارنت نشرة الدولية للمعلومات بين كُلَف طبق الفتوش منذ بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان كالآتي:
في عام 2020 بلغت تكلفة طبق الفتوش 4250 ليرة، وبلغت في عام 2021 نحو 12300 ليرة، وسجلت في عام 2022 نحو 50500 ليرة.
تقول هنا عمار، وهي موظفة وسيدة منزل، إن شهر رمضان هذا العام يحل بسفرة مختصرة، وبأطباق هي الأخرى تنقصها مواد كثيرة، لأن السفرة المعهودة تحتاج لنحو أربعة ملايين ليرة يوميا. علما أن الحد الأدنى للأجور لا يزال دون هذه الأرقام بكثير..
تتقشف هنا في شراء خضار الفتوش الطبق الضروري في رمضان لفوائده الكثيرة على معدة الصائم، وتستخدم الخسة الواحدة لأكثر من أربعة أيام وتتجنب شراء الفليفلة الخضراء والأخرى الملونة بسبب سعرها المرتفع، وتشتري الخيار والبندورة وفق العدد وليس الوزن.
أما الطبق الأساس المكون من اللحم أو الدجاج مع الأرز تعتمده لإفطارين متتاليين، حتى حساء العدس وطبق المجدرة الذي كان يوصف بـ “أكلة الفقير”، أصبحت مواده من العدس إلى البصل تناهز كل منها ورقة المئة الف ليرة.
مقبلات السفرة الرمضانية الساخنة أو الباردة، العصائر والجلاب ذو الطعم الحلو، أصبحت ذكرى فوق موائد الصائمين..
تقول هنا إنها تشتري في أيام متباعدة قطعة واحدة من القطايف أو الكلاج لكل فرد من أفراد عائلتها، أما بالنسبة للسحور فيكون الاعتماد على ما تبقى من وجبة الإفطار، لأن الألبان والأجبان في وجبة السحور المعهودة دونها أرقام خيالية، فهي أصبحت تضاهي أسعار اللحوم والدجاج.
هي بعض مؤشرات عن يوميات تزداد تعقيدا، تجثم فوق صدور اللبنانيين وتنغص فرحهم بحلول الشهر الفضيل، فيلجؤون إلى خيارات لم يعتادوها من قبل، ويتفنون بها في سبيل الاستمرار والصمود في وجه الفقر والعوز.